آيات عرابي تكتب: معركة الإعلام
(6 مايو 2016)
قال لي : أنتِ من تقولين هذا ؟ لم أكن اعتقد انك مثلهم! كررت ما قلته: لستُ مع الانتخابات المبكرة ويجب أن يكمل الرئيس مرسي مدته. نظر لي بذهول وارتفع حاجباه، وشاركه ذهوله واستنكاره باقي السيدات والسادة الذين شاركتهم تلك الجلسة في نيويورك قبيل الانقلاب في احد المطاعم.
حاول إثنائي عن رأيي وظل صامتاً ثم بدا أنه وجد ما يرد به أخيرا فقال يريد الإخوان إقامة الخلافة و الإحتكام إلى الشريعة ويريدون أن ترتدي جميع النساء الحجاب فقلت وما المانع ! كان هذا الحوار مع أحد الممثلين السابقين في أحد المطاعم بنيويورك قبل الإنقلاب.
قد تستغرب ويصيبك الذهول إذا استمعت لنفس الممثل يحدث أمريكياً عن الانتخابات والصندوق وحق الشعوب في اختيار حكامها وربما ظننت أن لغتك الانجليزية ليست على ما يُرام. العلمانيون يريدون عالماً مثل ذلك الذي يرونه في أوربا. يريدون انتخابات بدون اسلاميين يريدون مشاركة حقيقية وطوابير أمام لجان الاقتراح ولكن دون مرشحين ملتحين, يريدون نقل النموذج الأوربي حرفياً إلى بلادنا وفي النموذج الأوربي لا يوجد اسلام.
السوفتوير القادم من الغرب لا يحتوي على الاسلام. هذه هي احدى المشاكل ببساطة. الجانب الآخر للمشكلة هو العلمانية القسرية التي تم ضخ مفاهيمها في عقول ونفوس البعض حتى ارتفع بنيانها وتحولت إلى هيكل يحتل مساحة في نفوسهم دون ان يدركوا أنهم بقناعاتهم هذه اصبحوا علمانيين يفصلون الدين عن الدولة.
الببغاء الذي يردد كلمات كالإرهاب والتطرف دون أن يدرك معناها ودون ان يمنح عقله فرصة لتحليلها والرد عليها ذلك الذي سمح لعقله أن يكون ملجئاً للأكاذيب والخزعبلات. المواطن الذي لم ير أي غضاضة في التظاهر ضد الرئيس المنتخب لمطالبته بانتخابات مبكرة. بل النخبة مشوهة العقل التي مازال بعضها حتى الآن يكرر حديثه الماسخ عن ضرورة عدم المطالبة بعودة الرئيس مرسي.
كل هذه التشوهات كانت بحاجة لمنظومة إعلامية أمينة تعمل وفق قواعد جديدة. منظومة تعمل كمشرط جراح يعالج تشوهات احدثتها عقود من الأكاذيب. منظومة قادرة على توفير الحماية للتجربة الجديدة بعد انتخاب الرئيس مرسي. الإعلام بشقيه المرئي والمكتوب كان الخنجر الذي طعن الثورة وتجربة الرئيس مرسي.
في كتاب (لعبة أمريكا الكبرى) رصد الكاتب من خلال الدراسات التي اجرتها المخابرات الأمريكية تأثير إذاعة صوت العرب التي أنشئت في عهد عبد الناصر التغيرات التي تصيب عقول المستمعين. الإعلام بكل بساطة هو دجال العصر الحديث مسيلمة الكذاب. عندما تشتري نسختك اليومية من جريدتك المفضلة أو تقتني تليفزيوناً فأنت بكل بساطة تشتري طوقاً تحيط به عقلك.
في مظاهرة 30 سونيا اخرج احدهم رأسه من ميكروباص ما وعلى وجهه تعبير اشمئزاز شديد وهو يحمل لافتة متكوب عليها (شرعية إيه ..البيضة بجنيه) . ربما كان مدفوعاً ككثير ممن شاركوا في تلك المهزلة وربما كان من المخدوعين, ولكن المؤكد أن الكثيرين وقتها كانوا يعتقدون أن مصر في سبيلها للإنهيار.
قارن حال ذلك المواطن المشمئز بحال المواطن المستكين الذي تحيط به السكاكين الآن من كل جانب سد النهضة والتهديد المحقق بالمجاعة وبناء مانع جديد بطول 35 كيلومتراً موازِ لقناة السويس وانهيار سعر الجنيه وتوحش الأسعار بل وانهيار ثوابت دولة العسكر وخيانات الجيش في سيناء وتعاونه الواضح مع العدو الصهيوني والطائرات الصهيونية التي تحلق يومياً في سيناء ليشارك الطيارون الصهاينة نظراءهم المصريين قصف منازل، وستدرك أن المعركة الأولى التي يجب على معسكرنا الرافض للإنقلاب هي معركة الإعلام.
معركة يجب علينا أن نغير قواعدها وأن نخرج خصمنا من ملعبه التقليدي لنفرض عليه نحن قواعد اللعبة, معركة متجددة يومية لا تحتمل حلولاً وسطا معركة لها ما بعدها.
المصدر
- مقال: آيات عرابي تكتب: معركة الإعلام موقع كلمتي